top of page

من داخل القاعدة الجوية ببنزرت: هامش الخطأ.. صفر

وراء حصن ينتصب منذ حقبة الإستعمار الفرنسي على مشارف بحيرة بنزرت، وقف منذ أيام رجالات الدفاع على المجال الجوي التونسي دقيقة صمت ترحّما على روحي النقيب محجوب عامري والتلميذ ضابط صف مباشر وسام غراب الذين توفيا في سقوط طائرة عسكرية بدوائر القاعدة الجوية بصفاقس. دقيقة وقفوا فيها خشوعا أمام الموت وتحية لزميلين قضيا خلال آداء واجبهما الوطني، ثم عادوا كل إلى مهامه وموقعه

لعلّ أغلب المارين أمام القواعد والثكنات العسكرية، يتطلعون بفضول إلى ما وراء الأسوار العالية والأسلاك الشائكة، وتجذبهم كثرة اللافتات والعلامات التي تأمر بمنع التصوير والإقتراب أوالدخول. كانت لي فرصة إكتشاف مغاور ما وراء تلك الحصون، خلال زيارة ميدانية نظمتها أمس الأربعاء وزارة الدفاع الوطني لفائدة ممثلي وسائل الإعلام الوطنية

إجتزنا عبر حافلة خاصة، وبعد إجراءات أمنية مشددة، بوابة القاعدة الجوية بالخروبة من ولاية بنزرت، واستُقبلنا بابتسامات متحفظة من طرف القيادات العسكرية المشرفة على قاعدة من أعرق وأكبر القواعد الجوية بتونس، وهي في هندستها الداخلية الأنيقة الهادئة، بدت أشبه بدار ضيافة أو نزل صغير، خاصة مع موقعها الاستراتيجي المطل على بحيرة صافية المياه تعانق هضبة خصبة.. النظرة الأولى تجعلك تظن نفسك بأحد منتجعات مدينة سياحية. وفي هذا الفضاء المنشرح، بدا الكل عارفا بمهامه ومنكبا على عمله، ولم يعرنا إهتماما غير المكلفون باستقبالنا. في كل الزيارات التي واكبتها داخل المؤسسات العسكرية، لم يحدث أن إقترب منا عسكري غير مكلّف مسبقا بالتواصل أو الحديث مع الصحفيين، الانضباط والتكتم الطابعان للمؤسسات العسكرية بقيا ثابتين رغم فتح أبواب المنشآت العسكرية التي بقيت موصدة لعقود، أمام الإعلام

إلتقينا داخل القاعد الجوية أعينا متحفزة وثابتة ووجوها شابة وأجسادا فتية ببدلات عسكرية مختلفة، بين ضباط طيران وجنود مستجدين وعسكريين.. حتى رئيس مكتب التدريب والعمليات صلب جيش الطيران التابع للقاعدة الجوية، وهو برتبة عميد، لم تخطّ فيه السنون آثارها، وبدا أصغر بكثير من العقود الأربعة التي أكد أنه قضاها في مجال الطيران العسكري. وخلافا للطبع الجاف والصارم الذي وُصم به العسكريون، كان العميد طارق العكرمي بشوشا متواضعا، وتحدّث مطولا عن إهتمامه بالجانب النفسي والمعنوي لضباطه، قائلا "في كل صباح، أجتمع كآمر وحدة بكل أفرادها في جلسة حوار ومراجعة، وأتأمل جيدا وجوههم وحضورهم الذهني، وكل من ألاحظ به أمرا أو علّة أطلب منه الإستراحة والمراجعة.. هامش الخطأ أو السهو غير مسموح به في عملنا وفي قمرة القيادة.. والجاهزية الذهنية الكاملة مطلوبة دائما"


Posts à l'affiche
Posts Récents
Archives
Rechercher par Tags
Pas encore de mots-clés.
Retrouvez-nous
  • Facebook Basic Square
  • Twitter Basic Square
  • Google+ Basic Square
bottom of page