...ونجحت صوفية في كسب رهان قرطاج
بعد سنوات من التردد ورفض اعتلاء ركح مهرجان قرطاج وغيره من المهرجانات التونسية، أثثت المطربة التونسية صوفية صادق الأربعاء 16 أوت الماضي سهرتها العشرين على ركح مسرح قرطاج الأثري ضمن فعاليات الدورة 53 لمهرجان قرطاج الدولي. وكما توقعه البعض، وعلى عكس ما توقعه أو تمناه البعض الآخر، كان الحفل أكثر من ناجح سواء على الصعيد الجماهيري أو الفني... ولن نخوض في تفاصيل العرض بقدر ما سنخوض في مقومات هذا النجاح لعلها تكون فرصة لبنات جيلها أو الجيل الصاعد لأخذ العبرة
أولا، وبمجرد دخولك لمدارج مسرح قرطاج، يلفت انتباهك الكراسي المخصصة للفرقة الموسيقية بقيادة نبيل زميط، حيث احتلت الفرقة معظم الركح بحوالي 120 فردا بين عازفين وضابطي إيقاع وكورال. هذا التفوق الكمي رافقه أثناء السهرة تفوق نوعي، حيث تعتبر سهرة صوفية من السهرات القليلة التي مرت تقريبا بدون أخطاء على مستوى التنفيذ الموسيقي. هذا إلى جانب ما بذلته إدارة المهرجان من مجهود واضح على مستوى الإضاءة والصوت والتوضيب الركحي
نأتي الآن إلى إطلالة صوفية، التي كانت أكثر من متميزة من خلال فستان فضي لامع زادته الأضواء لمعانا هذا بالإضافة إلى القيافة والتجميل التي جعلت صوفية عروسا لقرطاج، على حد وصف بعض من تابع حفلها، وإن كان ذلك ليس بغريب عنها منذ بداياتها
نمر الآن إلى الأهم ألا وهو البرنامج الغنائي وإن أكدت صوفية أكثر من مرة أن ليس لها برنامجا واضح المعالم وأنها ستستجيب أكثر لرغبات الجمهور، خاصة وأن لها من الأعمال ما يؤهلها لتأثيث أكثر من سهرة، فإننا لاحظنا برنامجا دسما راوح بين الأعمال الإيقاعية الخفيفة والطربية من جهة والأعمال الشرقية والتونسية من جهة أخرى، هذا إلى جانب المراوحة بين الأعمال الجديدة والقديمة وبين أعمال صوفية الخاصة والإعادات، حيث تمتع الجمهور بأكثر من 4 عناوين تغنت لأول مرة (استيقظي يا أمتي، راني حرت معاه، برة عمل على روحك...) وأخرى ممن صنعت مجد صوفية (أنا عاشقة، فيك إيه، مراسيلي، حرام عليك، يهبل،...) بالإضافة إلى بعض درر الموسيقى التونسية والعربية لكل من صليحة وأم كلثوم وملحم بركات وغيرها...
كل هذه النقاط وغيرها، جعلت من السهرة على غاية من النجاح وأهلت صوفية لتعود بقوة إلى الساحة الفنية، وإن كان البعض من جمهورها لا يعتبرها انقطعت باعتبار تواصل انتاجاتها وتتويجاتها وحضورها الإعلامي خلال السنوات الأخيرة بكندا ولبنان ومصر والمغرب والجزائر... جمهورها الذي يُعتبر من نقاط القوة في سهرة صوفية فرض نسق السهرة لتنطلق هادئة في البداية، ثم صاخبة في الوسط، لتعود لهدوئها في النهاية... وفي كل فقرة يصنع الجمهور الحدث، حيث نفس من كان يرقص ويتمايل مع "يهبل" مثلا، تراه قابعا في مكانه منتشيا مع "تعا ننسى"، وتلك من ميزات الجمهور التونسي عموما وجمهور صوفية على وجه الخصوص.
نشير ختاما، إلى أن النجاح الباهر لعرض صوفية لا يُخفي بعض الملاحظات التي أبداها بعض المواكبين له والتي من بينها طغيان الأغاني الإيقاعية التونسية على العرض، حيث كان من الأجدى الفصل بينها ببعض الأغاني الطربية القديمة لصوفية مثل "ضيعت العمر ليالي" و"يا ليل" و"حبك خطير". البعض تساءل عن سر غياب أغاني الشيخ إمام على غرار "حاحا" و"أنا الشعب ماشي" و"شيد قصورك" التي غنتها بإقناع في أوبيريت "صرخة أمة" ونالت أوسكار مهرجان شرم الشيخ مؤخرا. البعض الآخر تساءل عن الالتزام المفرط فيه على الركح، حيث لزمت صوفية تقريبا نفس المكان خلال ساعتي العرض دون أن تتحرك يمنة أو يسرة أو تقترب من الجمهور...
نقاط وإن لا تحجب نجاح السهرة إلا أنه من المهم العمل عليها لإنجاح السهرات المنتظرة القادمة لصوفية صادق في تونس وخارجها
سليم القسمطيني